هو طالب مصري عادي جدا تجاوز ال 20 ربيعا بقليل وطالب بأحدى كليات القمة المصرية وتحديدا كلية الهندسة ..كنت اتناقش معه في اغنية لاحد المطربيين الخليجيين التي يغني فيها لمصر ولكن كانت نقطة الخلاف بيني وبينه انه كان يوجه الاغنيه وكلامها لحبيبته في حين ان الاغنية نفسها موجهة لمصر وحب مصر
وهنا ثارت ثورته وقال كل واحد ونيته بأى انا استحالة تكون نيتي لمصر ..هنا توقفت قليلا وسألته ليه مالها مصر...قالي مفيش البلد زي الفل ونضيفة جدا والامن مستتب جدا والواحد بيروح كليته بيتعلم احسن تعليم في الدنيا وبتخرج بشتغل على طول وغالبا بشتغل وانا في الكلية واحسن حاجة بشتغل في مجال تخصصي ولما حاجة بتحصلي بروح اقرب مستشفى حكومي لاني واثق جدا فيها واثق ان الدكاترة هيدوني الحاجة صح يعني لو دخلت المستشفى الحكومي عشان عيني حمرا هضمن ان الدكتور هيعالجني صح مش هيديني حاجة تجبلي شلل رباعي..والمنتخب المصري ما شاء الله بيتصرف عليه كل سنة اقل المصاريف وعلى طول بنصعد كاس عالم...والعلماء عندنا ليهم مكانتهم وتقديرهم والصايعين ليهم مكانتهم برضه...لا احنا زي الفل اوي
شكا لي شريف كل ما يجول بخاطره في حق مصر وسبب كرهه لها ولكنه استوقفني في جملة وهيا (انت فاكر اني كدا مبسوط؟ اذاكر وانجح واتخرج وغالبا مش هشتغل واتجوز اي حاجة وغالبا برضه مش هتكون البنت اللي عايزها واجيب اولاد واموت؟)
شريف يعاني مثل ما يعاني الكثير من الشباب المصري وهي السلبية في حياته وتهميشه التام في المجتمع وجعله كألة لها عمر افتراضي وغير قابلة للصيانة في نفس الوقت وممكن تنتهي قبل نهاية عمرها الافتراضي فالشاب يعيش مثل الماكينة في بلده المطلوب منه لا يعرف شيء عن بلده او عن اي شيء المطلوب يعرف كل شيء عن دراسته فقط لا غير ومن ثم يلتحق في اي وظيفة بعيدة عن دراسته والتزوج واخيرا الوفاة ويصبح ابنه شابا ويكرر دورة ابيه وهكذا تمر الساقية أأقصد الحياة المصرية
حال شريف هو حالي وحالك وحال كل شاب وشابة تعيش في المحروسة نحن الان اصبحنا نمر بحالة كره غير عادية لكل ماهو مصري سواء كان منتج او شخص نقابله في الغربة اصبحنا نصاب بالخجل عندما يسألنا اي شخص اجنبي عن موطننا اصبحنا نكره الكيان المصري نفسه وعندما نسأل اي شخص عن سبب تخريبه لاي ملكية عامة مثلا يكون الرد (يعني هيا بتاعتي)
كنت في نقاش مع شريف عن فرص العمل فكانت اجابته كالصاعقة لي انه مستعد ان يعمل في الكنيست الاسرائيلي نفسه عن العمل في مصر الكارثة الاكبر انه اقسم بأغلظ الايمان انه اذا عرض عليه ان يشتغل عميل وجاسوس لصالح احدى الدول ضد مصر سيوافق على الفور وانه يتمنى اليوم الذي يرى مصر فيه محتلة
تفكير شريف الخطير الذي وصل لتلك الدرجة لا يمكن اعتباره مجرد هلوسة وكلام فقط بل شريف كان صادقا جدا في ما كان يقوله والغريب ان كل من كان موجود في ذلك الحوار كان موافق شريف في الرأي ومستعد لبذل الغالي والرخيص من اجل النيل من مصر
كلام شريف ليس كلام فردي وليس رأيه هو وحده حتى لا يخرج علينا من يقول الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية كلام شريف هو كلام معظم الشباب المصري الذين يعانون نفس معاناته ولكن الحياة تلهيهم فلا يستطيعوا ان يفكروا في حالهم واذا فكروا لا يتكلموا واذا تكلموا
فكلامهم سوف يكون مجرد كتابة في المحيط الهادي
والان السؤال يطرح نفسه...الى متى يستمر ذلك الوضع الخطير؟ الى متى تستمر تلك السلبية في شبابنا؟ كل ما اريد قوله اننا نحب هذه البلد ونعشقها ومستعدين لبذل الغالي والرخيص من اجلها ولكننا اصبحنا مثل الاب الذي يحب ابنه ولكنه يراه فاسدا فيدعوا عليه بالهلاك ويتمنى الخلاص منه بالرغم من حبه لابنه فهل ينصلح الابن ام تأكل الدبة صاحبتها
محمد شبل